تعريف حسن المعاملة
حسن
المعاملة لغة
الحسن لغة: (انظر صفة
حسن الخلق) ، أما المعاملة فهي: مصدر عامل، وهذا المصدر مأخوذ من مادة (ع م ل)
التي تدل على كل فعل يفعل، قال الخليل: عمل يعمل عملا فهو عامل، ويقال: اعتمل
الرجل إذا عمل بنفسه، قال في الصحاح: والتعميل تولية العمل يقال: عملت فلانا على
البصرة: وليته إياها.
وقال ابن منظور:
عاملت الرجل أعامله معاملة، والمعاملة في كلام أهل العراق: هي المساقاة في كلام
الحجازيين «1» .
وقال الفيومي:
وعاملته في كلام أهل الأمصار يراد به التصرف من البيع ونحوه.
قال النووي- رحمه
الله-: والمساقاة على إطلاقها أن يدفع الرجل إلى آخر شجره ليقوم بسقيه وعمل سائر
ما يحتاج إليه بجزء معلوم له من ثمره.
وقيده الشافعي- رحمه
الله- بقوله: «على ما يكفل الآيات الأحاديث الآثار 11 58 7 الرفق بالعامل وصاحب
العمل» «2» .
المعاملة
اصطلاحا
قال التهانوي:
المعاملة عند الفقهاء عبارة عن العقد على العمل ببعض الخرج (النتاج) وتطلق
المعاملات أيضا على الأحكام الشرعية المتعلقة بأمر الدنيا باعتبار بقاء الشخص
كالبيع والشراء والإجارة ونحوها.
وجعلها أصحاب الشافعي
ركنا من أركان الفقه؛ فقالوا: الأحكام الشرعية إما أن تتعلق بأمر الآخرة وهي
العبادات أو بأمر الدنيا وهي إما أن تتعلق ببقاء الشخص وهي العبادات أو بأمر
الدنيا وهي إما أن تتعلق ببقاء الشخص وهي المعاملات أو ببقاء النوع باعتبار المنزل
وهي المناكحات أو باعتبار المدنية وهي العقوبات «3» .
ومما تقدم يمكن القول
بأن حسن المعاملة:
هو الموقف الحسن
الثابت الصادق الذي يتخذه المؤمن أثناء تعامله مع الآخرين في سائر المعاملات على
ما يكفل الرفق بالمتعاملين.
أقسام
المعاملة
ويمكن تقسيم المعاملة
إلى:
دنيوية: وهي ما كان
في موقع العقود أو نيتها من بيع وشراء وسلم «1» ومساقاة ومزارعة وقروض ورهن وغير
ذلك.
وأخروية: وهي ما
يبذله المسلم من جهد أو مال أو زمن من غير عوض دنيوي ابتغاء الأجر والثواب من
الله. وهو مفتقر إلى النية.
وقد ينطبق هذا على
المعاملات الدنيوية إذا قصد بها منفعة المسلمين بما يرضي الله عز وجل وتيسير
مصالحهم.
حسن
المعاملة اصطلاحا
أن يفي الإنسان بما
أبرمه من عقود مع الآخرين مع الرفق بهم والإحسان إليهم هذا في الناحية الدنيوية،
أما فيما يتعلق بأمور الآخرة فتعني أن يصدق الإنسان في تعامله مع خالقه وأن يخلص
نيته في عبادته مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه
فإن لم تكن تراه فإنه يراك» «2» .
شمول حسن
المعاملة
إن الأمر بحسن
المعاملة يتضمن أمورا عديدة منها: الوفاء بالعهود والعقود مع الله عز وجل ومع
الناس، وفيما يتعلق بأمور الناس؛ فإن حسن المعاملة يقتضي البعد عن الغش والتدليس
وعدم إخسار الكيل والميزان، كما يشمل الرفق بمن يتعامل معهم من المسلمين، ولا شك
أن امتزاج أحكام الشريعة بالأخلاق الحسنة الفاضلة يؤدي إلى تنفيذ القوانين
والأحكام؛ لأن الوازع الديني يساعد على التحلي بمكارم الأخلاق، فإذا اجتمع الوازع
الديني مع الوازع الأخلاقي بما فيهما معا من خشية الله ويقظة الضمير، أدى ذلك إلى
احترام القوانين، ومن ثم تأمين ما ترمي إليه من عدل وإحسان، وهكذا فإن إضافة
الوازعين الديني والأخلاقي إلي الوازع القانوني في مجال تنفيذ القوانين المتفقة مع
الشرع يؤدي بالضرورة إلى تدعيم سلطة الدولة الإسلامية في مجال تطبيق القانون على
الكافة؛ لأن سلطة الدولة وحدها قاصرة عن تأمين هذا التنفيذ المثالي إن لم يشد
أزرها في ذلك مؤيدات الدين والأخلاق وزواجرهما التي تنبع من الشرع ومن ضمير
الإنسان وهذا وحده هو الضمان الحقيقي للحياة الاجتماعية الفاضلة «3»
.
[للاستزادة:
انظر صفات: البشاشة- حسن الخلق- حسن العشرة- الشفقة- الشهامة- طلاقة الوجه.
وفي ضد ذلك: انظر
صفات: سوء المعاملة- الإساءة- الأذى- الاستهزاء- التحقير- السخرية العبوس- الكبر
والعجب] .
الآيات
الواردة في «حسن المعاملة» معنى
1- وإن كان
ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون (280) «1»
2- يا أيها
الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي
الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد (1) «2»
3- ولا
تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط
لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم
وصاكم به لعلكم تذكرون (152) «3»
4- كيف يكون
للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما
استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين (7) «4»
5- ويا قوم
أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض
مفسدين (85) «5»
6- فلما
دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا
الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين (88) «6»
7- ولا
تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان
مسؤلا (34) وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا
(35) «7»
8-* أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين (181) وزنوا بالقسطاس المستقيم
(182) ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (183) «8»
9- ولما
توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل (22) ولما ورد ماء مدين وجد
عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا
نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير (23)فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني
لما أنزلت إلي من خير فقير (24) فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي
يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم
الظالمين (25) قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين (26)
قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا
فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين (27) قال ذلك بيني
وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل (28)
1.
فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله
امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون (29) «1»
10- وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان (9) «2»
11- ويل للمطففين (1) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون (2) وإذا
كالوهم أو وزنوهم يخسرون (3) «3» .
الأحاديث
الواردة في (حسن المعاملة) معنى
1-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك
من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم «1» واستحلوا محارمهم «2» » ) * «3»
.
2-* (عن حذيفة- رضي الله عنه- قال:
أتي الله تعالى بعبد
من عباده آتاه الله مالا، فقال له: ماذا عملت في الدنيا؟ قال: ولا يكتمون الله
حديثا (النساء/ 42) قال: يا رب آتيتني مالك، فكنت أبايع الناس، وكان من خلقي
الجواز «4» فكنت أتيسر على الموسر وأنظر المعسر.
فقال تعالى: أنا أحق
بذا منك، تجاوزوا عن عبدي» . فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود الأنصاري- رضي الله
عنهما-: هكذا سمعناه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم) * «5»
.
3-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا
أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو
لقمتين، فإنه ولي حرة وعلاجه «6» » ) * «7» .
4-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء» ) * «8» .
5-* (عن النعمان بن بشير- رضي الله عنهما- أن أباه أتى به رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فقال: إني نحلت «9» ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «أكل ولدك نحلته مثل هذا؟» ، فقال: لا.
فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «فأرجعه» وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أفعلت
هذا بولدك كلهم؟» ، قال: لا. قال: «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم» . فرجع أبي فرد
تلك الصدقة) * «10» .
6-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد «11» أو
شابا، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات.
قال: «أفلا كنتم
آذنتموني؟ «12» » . فكأنهم صغروا أمرها، أو أمره، فقال: «دلوني على قبره» ،
فدلوهفصلى عليه، ثم قال: «إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله تعالى
ينورها لهم بصلاتي عليهم» ) * «1» .
7-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة
أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي.
فقال: «لئن كنت كما
قلت فكأنما تسفهم المل «2» ولا يزال معك من الله تعالى ظهير «3» عليهم ما دمت على
ذلك» ) * «4» .
8-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله، فله أجره مرتين» ) * «5»
.
9-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله
رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه» )
* «6» .
10-* (عن أبي يعلى شداد بن أوس- رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا
ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» ) * «7»
.
11-* (عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه
وسلم، قال: «إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إل؟ هـ إلا
الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات
في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من
أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة
المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» ) * «8»
12-* (عن عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى، وأثنى عليه وذكر ووعظ، ثم قال:
«ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان «9» عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك
إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرح
«10» ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم
عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم
لمنتكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن» ) * «1»
.
13-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا «2» ولا تنافسوا، ولا
تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم،
لا يظلمه ولا يخذله «3» ولا يحقره.
التقوى هاهنا (ويشير
إلى صدره ثلاث مرات) بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على
المسلم حرام: دمه وماله وعرضه، إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن
ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» ) * «4» .
14-* (عن أبي ذر- رضي الله عنه- أنه كان عليه حلة وعلى غلامه مثلها، فسأله المعرور بن سويد عن ذلك، فذكر أنه ساب رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيره بأمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنك امرؤ فيك جاهلية «5» ، إخوانكم خولكم «6» جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه» ) * «7» .
15-* (عن حكيم بن حزام- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا- أو قال: حتى يتفرقا- فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» ) * «8» .
16-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها،
فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها،
فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها،
فذكرت الذي صنعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«إن الله
قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار» ) * «9» .
17-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي «10» ؟. قال: «أمك» ،
قال: ثم من؟ قال: «أمك» ، قال: ثم من؟ قال:
«أمك» ،
قال: ثم من؟، قال: «ثم أبوك» ) * «11» .
18-* (عن أبي مسعود البدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «حوسب رجل ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كانيخالط الناس
«1» ، وكان موسرا، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر.
قال الله عز وجل: نحن
أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه» ) * «2» .
19-* (عن أبي موسى- رضي الله تعالى عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه
قال: «إن الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ- وربما قال يعطي- ما أمر به، فيعطيه
كاملا موفرا، طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين» ) * «3»
.
20-* (عن أبي صالح؛ قال: رأيت رجلا من أهل خراسان سأل الشعبي فقال: يا أبا
عمرو إن من قبلنا من أهل خراسان يقولون في الرجل، إذا أعتق أمته ثم تزوجها: فهو
كالراكب بدنته.
فقال الشعبي: حدثني
أبو بردة بن أبي موسى، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة
يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم
فآمن به واتبعه وصدقه، فله أجران. وعبد مملوك أدى حق الله تعالى وحق سيده، فله
أجران.
ورجل كانت له أمة
فغذاها فأحسن غذاءها ثم أدبها فأحسن أدبها. ثم أعتقها وتزوجها، فله أجران» . ثم
قال الشعبي للخراساني: خذ هذا الحديث بغير شيء، فقد كان الرجل يرحل فيما دون هذا
إلى المدينة) * «4» .
21-* (عن جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رحم
الله رجلا سمحا «5» إذا باع وإذا اشترى، وإذا اقتضى «6» » ) * «7»
.
22-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت
خصوم بالباب عالية أصواتهم، وإذا أحدهما يستوضع «8» الآخر ويسترفقه في شيء، وهو
يقول: والله لا أفعل، فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أين
المتألي على الله «9» لا يفعل المعروف؟» . فقال: أنا يا رسول الله، فله أي ذلك أحب)
* «10» .
23-* (عن ثوبان- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «عائد المريض في مخرفة الجنة حتى يرجع» ) * «11»
.
24-* (عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه، قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة
أحدنا عليه؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت- أو اكتسبت- ولا تضرب
الوجه، ولاتقبح «1» ، ولا تهجر إلا في البيت» ) * «2» .
25-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه، لعل الله
يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه» ) * «3» .
26-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة،
وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة
صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى «4» عن الطريق صدقة» ) * «5»
.
27-* (عن أبي مسعود البدري- رضي الله عنه- قال: كنت أضرب غلاما لي بالسوط،
فسمعت صوتا من خلفي: اعلم أبا مسعود، فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني، إذا
هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقول: «اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود،
قال: فألقيت السوط من يدي. فقال: «اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا
الغلام» .
فقلت: لا أضرب مملوكا
بعده أبدا.
وفي رواية: فسقط
السوط من يدي من هيبته.
وفي رواية: قلت: يا
رسول الله هو حر لوجه الله تعالى، فقال: «أما لو لم تفعل للفحتك النار «6» ، أو
لمستك النار» ) * «7» .
28-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«والله لأن يلج «8» أحدكم بيمينه في أهله آثم «9» له عند الله تعالى من أن يعطي
كفارته التي افترض الله عليه» ) * «10» .
29-* (عن أبي ذر- رضي الله عنه- قال:
قال لي النبي صلى
الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق «11» »
) * «12» .
30-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يفرك «13» مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر. أو قال: غيره» ) * «14»
.
31-* (عن أنس- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن
أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» ) * «1»
32-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لتؤدين الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء «2» من الشاة
القرناء» ) * «3» .
33-* (عن أبي علي، سويد بن مقرن- رضي الله عنه- قال: لقد رأيتني سابع سبعة
من بني مقرن مالنا خادم إلا واحدة لطمها أصغرنا فأمرنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن نعتقها) * «4» .
34-* (عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي «5» خيرا،
أو يقول خيرا» .
وعند مسلم: زيادة،
قالت: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين
الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها) * «6» .
35-* (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا» ) * «7» .
36-* (عن ابن عمر وعائشة- رضي الله عنهم- قالا: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» ) * «8»
.
37-* (عن النعمان بن بشير- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه
عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» ) * «9» .
38-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته،
ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما
ستره الله يوم القيامة» ) * «10» .
39-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على ملي «11» فليتبع» ) * «12»
.
40-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
«من
استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم
معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه»
) * «1» .
41-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه» ) * «2»
.
42-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من أنظر معسرا أو وضع له، أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله»
) * «3» .
43-* (عن أنس- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عال
جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو» وضم أصابعه ... ) * «4»
.
44-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من عرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف المحمل، طيب الريح» ) * «5»
.
45-* (عن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته» . قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟
قال:
«يومه
وليلته، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه» ) * «6»
.
46-* (عن أبي ذر- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك»
.
وفي رواية لمسلم عن
أبي ذر قال: إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني: «إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم
انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف» ) * «7» .
47-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رجل: يا رسول الله إن فلانة
يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال: «هي في
النار» .
قال: يا رسول الله،
فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وأنها تصدق بالأثوار «8» من الأقط،
ولا تؤذي جيرانهابلسانها. قال: «هي في الجنة» ) * «1» .
ورواه أبو بكر بن أبي
شيبة بإسناد صحيح أيضا، ولفظه وهو لفظ بعضهم: قالوا: يا رسول الله فلانة تصوم
النهار، وتقوم الليل، وتؤذي جيرانها.
قال: «هي في النار» .
وقالوا: يا رسول الله فلانة تصلي المكتوبات، وتصدق بالأثوار من الأقط «2» ولا تؤذي
جيرانها. قال: «هي في الجنة» .
48-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«يسروا ولا تعسروا، وسكنوا ولا تنفروا» ) * «3» .
49-* (عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: إن ناسا كانوا يؤخذون بالوحي في
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر
لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا، أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء،
الله يحاسب في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا، لم نأمنه، ولم نصدقه وإن قال: إن سريرته
حسنة» ) * «4» .
المثل
التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (حسن المعاملة)
50-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم
يتقاضاه «5» فأغلظ، فهم به أصحابه «6» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوه
فإن لصاحب الحق مقالا» . ثم قال: «أعطوه سنا مثل سنه» . قالوا: يا رسول الله إلا
أمثل «7» من سنه. قال:
«أعطوه
فإن من خيركم أحسنكم قضاء» * «8» .
51-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: لما قدم النبي صلى الله
عليه وسلم المدينة دعا بميزان فوزن لي وزادني) * «9» .
52-* (عن أبي صفوان سويد بن قيس- رضي الله عنه- قال: جلبت أنا ومخرمة العبدي
بزا «10» من هجر، فجاءنا النبي صلى الله عليه وسلم، فساومنا بسراويل وعندي وزان
يزن بالأجر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للوزان: «زن وأرجح» ) * «11»
.
53-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن
أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا. قالت الأولى:
زوجي لحم جمل غث على
رأس جبل، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل. قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني
أخاف أن لا أذره، إن أذكره أذكر عجره وبجره. قالت الثالثة: زوجي العشنق، إن أنطق
أطلق، وإن أسكت أعلق. قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة.
قالت الخامسة:
زوجي إذا دخل فهد، وإن
خرج أسد، ولا يسأل عما عهد. قالت السادسة: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن
اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث.
قالت السابعة: زوجي
غياياء- أو عياياء- طباقاء، كل داء له داء، شجك أو فلك أو جمع كلا لك. قالت
الثامنة: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب. قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد،
طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد «1» .
قالت العاشرة: زوجي
مالك وما مالك، مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، وإذا
سمعن صوت المزهر، أيقن أنهن هوالك. قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع فما أبو زرع؟،
أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إلي نفسي، وجدني في أهل غنيمة
بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنق، فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح،
وأشرب فأتقنح. أم أبي زرع فما أم أبي زرع؟، عكومها رداح، وبيتها فساح.
ابن أبي زرع فما ابن
أبي زرع؟، مضجعه كمسل شطبة، ويشبعه ذراع الجفرة. بنت أبي زرع، فما بنت أبي زرع؟،
طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها. جارية أبي زرع، فما جارية أبي
زرع؟، لا تبث حديثنا تبثيثا، ولا تنقث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشا؛ قالت
خرج أبو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت
خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلا سريا، ركب شريا، وأخذ خطيا، وأراح
علي نعما ثريا، وأعطاني من كل رائحة زوجا، وقال: كلي أم زرع، وميري أهلك، قالت:
فلو جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع. قالت عائشة: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع» * «2» .
54-* (عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنها- قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم؟» فقلت: نعم، فقام بالباب، وجئته، فوضعت ذقني على عاتقه، فأسندت وجهي إلى خده، قالت:
ومن قولهم يومئذ: أبا
القاسم طيبا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حسبك» . فقلت: يا رسول الله، لا
تعجل، فقام لي، ثم قال: «حسبك» .
فقلت: لا تعجل يارسول
الله، قالت: ومالي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي، ومكاني
منه» ) * «1» .
55-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم
فسبقته، حتى إذا رهقنا اللحم، سابقني فسبقن، فقال: «هذه بتلك» ) * «2»
.
56-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كنت ألعب بالبنات «3» عند النبي صلى
الله عليه وسلم وكان لي صواحب، يلعبن معي: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
دخل يتقمعن «4» منه فيسربهن إلي فيلعبن معي) * «5» .
57-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه
وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه جبذة شديدة حتى نظرت إلى
صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال:
مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء) * «6»
.
58-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم
شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء
قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم لله- عز وجل-» )
* «7» .
من
الآثار وأقوال العلماء الواردة في (حسن المعاملة)
1-* (قيل لعبد الرحمن بن عوف: ما سبب يسارك؟ قال: «ثلاث: ما رددت ربحا قط،
ولا طلب مني حيوان فأخرت بيعه، ولا بعت نسيئة.
ويقال: إنه باع ألف
ناقة فما ربح إلا عقلها، باع كل عقال بدرهم فربح فيها ألفا وربح من نفقته عليها
ليومه ألفا» ) * «8» .
2-* (عن عبد الله بن الزبير- رضي الله تعالى عنهما- قال: «لما وقف الزبير
يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم،
وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما وإن من أكبر همي لديني، أفترى يبقي ديننا من
مالنا شيئا؟ فقال: يا بني، بع مالنا، فاقض ديني.
وأوصى بالثلث، وثلثه
لبنيه- يعني بني عبد الله بن الزبير،يقول: ثلث الثلث- فإن فضل من مالنا فضل بعد
قضاء الدين فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير-
خبيب وعباد- وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات.
قال عبد الله: فجعل
يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي. قال: فو الله
ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله. قال: فو الله ما وقعت في
كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه.
فقتل الزبير- رضي
الله عنه- ولم يدع دينارا ولا درهما، إلا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارا
بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر قال: وإنما كان دينه الذي
عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف، فإني
أخشى عليه الضيعة.
وما ولي إمارة قط ولا
جباية خراج ولا شيئا إلا أن يكون في غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم أو مع أبي
بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. قال عبد الله ابن الزبير فحسبت ما عليه من الدين
فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله ابن الزبير.
فقال: يا ابن أخي: كم
على أخي من الدين؟ فكتمه فقال: مائة ألف. فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع
لهذه.
فقال له عبد الله:
أرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء
منه فاستعينوا بي. قال: وكان الزبير
اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف.
فباعها عبد الله بألف
ألف وستمائة ألف. ثم قام فقال: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة. فأتاه
عبد الله ابن جعفر- وكان له على الزبير أربعمائة ألف- فقال لعبد الله: إن شئتم
تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم. فقال
عبد الله: لا.
قال: قال: فاقطعوا لي قطعة، قال عبد الله: لك هاهنا إلى هاهنا. قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية- وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير، وابن زمعة- فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف.
وقال عمرو بن عثمان:
قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف.
فقال معاوية كم بقي؟
فقال: سهم ونصف. قال: أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه
من معاوية بستمائة ألف.
فلما فرغ ابن الزبير
من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا والله لا أقسم بينكم
حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه.
قال: فجعل كل سنة
ينادي بالموسم. فلما مضى أربع سنين قسم بينهم. قال: وكان للزبير أربع نسوة، ورفع
الثلث فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف» ) * «1» .
3-* (قال رجل لعمر بن عبد العزيز: «اجعل كبير المسلمين عندك أبا وصغيرهم
ابنا وأوسطهم أخا، فأي أولئك تحب أن تسيء إليه» ) * «1» .
4-* (عن زياد بن الربيع اليحمدي عن أبيه قال: «رأيت محمد بن واسع يبيع حمارا
بسوق (بلخ) فقال له رجل: أترضاه لي؟ قال: لو رضيته لم أبعه» ) * «2»
.
5-* (روي أن الحسن البصري باع بغلة له بأربعمائة درهم، فلما استوجب المال
قال له المشتري:
اسمح يا أبا سعيد،
قال: «قد أسقطت عنك مائة» .
قال له: «فأحسن يا
أبا سعيد» ، فقال: «قد وهبت لك مائة أخرى» ، فقبض من حقه مائتي درهم، فقيل له:
«يا أبا
سعيد، هذا نصف الثمن» ، فقال: «هكذا يكون الإحسان وإلا فلا» ) * «3»
.
6-* (قال بعضهم:
لا يغرنك من المر ...
ء قميص رقعه أو جبين لاح في ... هـ أثر قد قلعه أو إزار فوق كعب الس ... اق منه
رفعه ولدى الدرهم فان ... ظر غيه أو ورعه) * «4» .
7-* (يروى عن أحدهم أنه بعث بطعام إلى البصرة مع رجل، وأمره أن يبيعه يوم
يدخل بسعر يومه، فأتاه كتابه: إني قدمت البصرة فوجدت الطعام متضعا فحبسته، فزاد
الطعام فأردت فيه كذا وكذا، فكتب إليه صاحبه: إنك قد خنتنا وعملت خلاف ما أمرناك
به، فإذا أتاك كتابي فتصدق بجميع ثمن ذلك الطعام على فقراء البصرة، فليتني أسلم
إذا فعلت ذلك» ) * «5» .
من فوائد
(حسن المعاملة)
(1) حسن المعاملة مع الله يورث التقوى والورع، ومع الناس يكسب ثقة الآخرين
فيه وثقته مع نفسه.
(2) تقوم على اليسر، والصفح، والتجاوز، والسماحة وطلاقة الوجه، والأمانة،
والصدق، وسائر الأخلاق الحميدة.
(3) الشفقة والرحمة بالعمال والمستخدمين تدفعهم إلى الإخلاص والمحافظة على
الأموال وسلامتها.
(4) المرأة رقيقة العاطفة متحفزة المشاعر فبقدر ما تلقى من حسن معاملة
زوجها تخلص وتعتني بمصالحه.
(5) زيادة الألفة والمحبة بين المسلمين.
(6) تجلب البركة والخير للمتعاملين.
(7) دليل حب الخير للآخرين.
(8) ترغب غير المسلم في الدخول في الإسلام.
الموضوع جيد وشكرا على المعلومات
ردحذفشكرا لك
ردحذف